نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الدور الأوروبي في سوريا الجديدة بين المصالح والشعارات, اليوم الجمعة 20 ديسمبر 2024 06:22 صباحاً
منذ سقوط النظام السوري السابق، برز الإستعجال الأوروبي في الإنفتاح على السلطة الجديدة، بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، بعد أن كانت العديد من الدول الأوروبية، قبل أشهر، تطالب الإنفتاح على الرئيس السابق بشار الأسد، بحجة معالجة أزمة اللاجئين في دول القارة العجوز، بشكل أساسي، على وقع إنقسام واضح في المواقف من هذه المسألة، كان يُشار إلى أسبابه بالموقف الأميركي.
في الوقت الراهن، لا يبدو أن واشنطن تعارض هذا الإنفتاح، حيث تعبر الإدارة الأميركية الحالية عن إحتمال إعادة درس الموقف من هيئة "تحرير الشام"، الفصيل المؤثر في سوريا الجديدة، ما قد يبرر، من حيث المبدأ، الإندفاعة الأوروبية الحالية، بالرغم من أن واشنطن لم تبادر إليها حتى الآن، حيث تبرز الشعارات منها المصالحة والانتقال السياسي والتعددية وتمثيل الأقليات واحترام حقوق الإنسان وحقوق المرأة.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن العديد من الأوساط الأوروبية تعتبر أن السلطة الجديدة في دمشق، في المرحلة الحالية، بحاجة إلى الإنفتاح على العالم الخارجي، الأمر الذي يتطلب منها الإستماع إلى النصائح التي تقدم لها، وبالتالي يجب عليها عدم معارضة ما يُطرح عليها من قبل الموفدين، خصوصاً الأوروبيين، الذين يزورون سوريا في الأيام الحالية.
وتلفت هذه المصادر إلى أن الحاجة إلى ذلك الإنفتاح، تكمن بمعضلات الواقع الإقتصادي ومشاريع إعادة الإعمار، بالإضافة إلى إكتساب الشرعية الدولية، بينما في المقلب الأوروبي هناك مصالح كبرى لا يمكن التقليل من أهميتها، أبرزها معالجة أزمة اللاجئين، لا سيما من لم ينجح في إختبارات الإندماج في مجتمعات القارة العجوز، بالإضافة إلى الإستفادة من فرص الإستثمار الإقتصادي المتاحة، من دون تجاهل سعي العديد من الدول إلى أن يكون لها جزءاً من النفوذ في سوريا الجديدة.
بالتزامن، توضح المصادر نفسها أن هناك مخاوف لا يمكن التقليل منها، أبرزها عدم إستقرار سوريا في المرحلة المقبلة، ما يعني موجة جديدة من الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى عودة نشاط الجماعات المتطرفة إلى الواجهة، ما يدفع إلى طرح الكثير من علامات الإستفهام حول عوامل القوة التي تمتلكها دول الإتحاد الأوروبي، التي قد تؤثر على سلوك السلطة الجديدة في دمشق.
حتى الآن، من الممكن الحديث عن أن تلك السلطة تدرك جيداً أهمية الحصول على الشرعية الدولية أكثر من أي أمر، ما يدفع إلى إطلاق المواقف التي يراد من خلالها طمأنة أبرز اللاعبين المؤثرين، لكن الأساس يبقى الموقف الأميركي، الذي لم يستعجل الإنفتاح، بل وضع مجموعة من الشروط التي تجعل السلطة الجديدة أمام إختبارات حقيقية، أبرزها الموقف من إسرائيل.
في هذا المجال، تلفت المصادر السياسية المتابعة إلى أن الولايات المتحدة هي صاحبة أوراق القوة الأكبر، بالنسبة إلى كيفية التعامل مع السلطة السورية الجديدة، على إعتبار أن الضوء الأخضر منها هو مفتاح الشرعية الدولية التي تطمح إليها بأي ثمن، لكن واشنطن لن تذهب إلى منحه بسهولة، بل لديها قائمة واسعة من الشروط التي ينبغي تلبيتها.
هنا، تعود هذه المصادر إلى المواقف التي عبر عنها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بالنسبة إلى العلاقة مع الجانب التركي الذي كان صاحب الدور الأكبر فيما حصل على أرض الواقع، وبالتالي هو لا يمانع الإنفتاح على السلطة الجديدة في دمشق، التي باتت الولايات المتحدة تتحدث عن إمكانية رفع تصنيف الفصيل الأبرز، أي هيئة "تحرير الشام"، عن قوائم الإرهاب، لأن المعيار هو تحقيق المصالح الأميركية وليس أي أمر آخر.
في المحصلة، ترى المصادر نفسها أنه لمقاربة الدور الأوروبي المحتمل، من الممكن مراجعة ما كان يحصل، في السنوات الماضية، في التعامل مع الملف اللبناني، حيث تبادر العديد من الجهات الأوروبية، أبرزها فرنسا، إلى طرح المبادرات أو القيام بالوساطات، لكن سلطة القرار تبقى لدى الولايات المتحدة، التي تملك وحدها القدرة على رسم حدود نفوذ أي جهة أخرى.
0 تعليق