نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا… عَسلٌ ممزوجٌ بالسُم !, اليوم الجمعة 20 ديسمبر 2024 01:38 مساءً
تتسابق الدول على مسك زِعامة البحار، لفرض النفوذ والسطوة.فمن سيملك مِفتاح الممرات سيتحكم بزحمة العالم ! وحتى لو كانت الزعامة متعددة الأقطاب فهناك من سيبقى يلهث وراء “التفرد والتربع “.. هكذا شهدت أحداث التاريخ .
وعلى هذا “الهدف” تعمل الولايات المتحدة الامريكية بدفع الهند إلى المُضي بالممر الاقتصادي “فمن يسيطر على المحيط الهندي يهيمن على آسيا، وهذا المحيط هو المفتاح الى البحار السبعة، وفي القرن الحادي والعشرين سيتم تحديد مصير العالم على مياهه” (نظرية القوة البحرية وأهمية السيطرة على المحيطات في تحديد مصير الدول ومستقبلها الجيوسياسي ل -الفريد ماهان).
ولكن لا يبدو لهذا الممر التجاري مستقبل واعد .فمصيره أصبح الآن على المحك (المحلل الجيوسياسي والاقتصادي الهندي، إس إل كانثان، في تغريدة على منصة “إكس” 2023 ). وقد يُجهَض كغيره من المشاريع التي سقطت في مهدها .فبعد طوفان الأقصى خرج الكثير من الكلام حول مستقبل هذا الممر، منه ما أشارت إليه تغريدة كانثان .
نبذة عن الممر
فكرة الممر كُشف عنها خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي في أيلول/سبتمبر2023، وهو عبارة عن ممر إقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا. وقد وقّعت السعودية والاتحاد الأوروبي والهند والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة مذكرة تفاهم التزمت بموجبها العمل معًا للمضي قدمًا بالمشروع .
الممر عبارة عن شبكة نقل من الشحن بالسفن وصولًا إلى سكك الحديد، التي تربط الإمارات العربية المتحدة بفلسيطن المحتلة عن طريق السعودية والأردن، فضلًا عن الكابلات الكهربائية لتعزيز الاتصال الرقمي وأنابيب تصدير الهيدروجين النظيف.و تضم الدول المشاركة فيه 40% من سكان العالم و تمثل حوالي 50% من الإقتصاد العالمي.
ما علاقة “الطوفان” بمستقبل هذا “الممر” ؟
بين الهند واسرائيل علاقات إستراتجية وشراكات منذ العام 1950 . حيث تتعاون الهند مع الكيان في مجالات عديدة كقطاع التكنولوجيا، وخاصة التكنولوجيا الدفاعية، والذكاء الإصطناعي، والتطوير الزراعي، وتعتبر أكبر مشتر ٍ للمعدات العسكرية الإسرائيلية، وثاني أكبر مورد دفاعي بعد روسيا، وهي ترى في العدو شريكاً إستراتجياً لا يمكن الإستغناء عنه . برز ذلك في إمتناعهاعن التصويت لصالح وقف إنساني لإطلاق النار في غزة في الأمم المتحدة في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023. في المقابل تسعى أمريكا من خلال هذا الممر إعطاء دور إقليمي وسياسي لأسرائيل ودمجها في المنطقة . وترى إسرائيل أن “المشروع سيُعيد تشكيل وجه المنطقة ويتيح للحلم أن يصبح حقيقة” (رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو) .
بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الاول 2023 سارعت الهند إلى تقديم دعم سياسي سريع وكبير لإسرائيل حيث كانت من أوائل الدول التي أدانت هذا الهجوم . بالاضافة إلى أنها سمحت بالتظاهرات الداعمة لإسرائيل في مختلف أنحاء البلاد، في مقابل قمع الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين.فقبل العملية كان الطريق إلى السلام أقرب لاسرائيل حيث أنه أُعلن عن الممر الاقتصادي الجديد «على افتراض أنه سيكون هناك سلام واستقرار في المنطقة. وحالياً بعد عملية “طوفان الأقصى” حتى لو انتهت الحرب في الأسابيع أو الأشهر المُقبلة، فإن المستقبل لم يعد مؤكّداً(مانوج جوشي، من مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث في نيودلهي) .
هواجس أمريكا من ” صين جديدة “
لا تتوقف التحديات عند عملية طوفان الاقصى إلا أنه يمكن القول أن العملية قد “لبدت المُناخ أكثر” . فتشابك العلاقات الاستراتجية للهند مع بقية الدول يلعب دوراً مهماً في حسابات الممر . وفي هذا السياق قدم مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير دراسة مُفصلة حول هذا التشابك الذي يشمل :
- الهند والولايات المتحدة الامريكية .
- الهند والصين
- الهند والاتحاد الاوروبي
- الهند والكيان الصهويني .
تتحدث الدراسة من خلال هذا التصنيف عن الهواجس الضمنية لكل من الهند وأمريكا من إقامة الممر على حسابك تشابك ما . فأمريكا تسعى الى تعزيز وجودها في منطقة المحيط الهندي الذي يعتبر منطقة استراتيجية هامة من حيث الجغرافيا والممرات البحرية، ومنافسة الصين عبر تعزيز الشراكات المختلفة مع قوة هامة كالهند، وتعزيزها على كافة المستويات الإقتصادية والتكنولوجية والعسكرية، و قطع الطريق على مبادرة الحزام والطريق وإقامة الممر البديل الذي تستطيع الولايات المتحدة السيطرة عليه وتعزيز الشراكة الإقتصادية والجيوسياسية بين مختلف الحلفاء، في المُقابل تدرك القيادة الهندية أن المواجهة مع الصين ستكون نتيجتها صفرية على الجهتين. كما تخشى واشنطن أن تتعامل مع الهند من منطلق “الإيثار الإستراتيجي” و يؤدي ذلك الى ظهور “صين جديدة”. في المقابل ترى الهند نفسها قوة عظمى إقتصاديه لها وزنها وحصتها في الإقتصاد العالمي وتريد أن تحافظ على مسافة أمان مع كل حلفائها وهذا ما لا تريده أمريكا ضمنياً .
رفض ومعارضة
من الاسباب الأخرى التي تعيق إنشاء الممر هي معارضة كل من مصر وتركيا وإيران لتنفيذ المشروع ما يُتيح إمكانية أن تُفكر هذه الدول بتفاهمات تجارية واقتصادية مشتركة بالاضافة الى ذلك هناك مخاوف من تحول الممرّ إلى منصة أمنية عسكرية للدول للمشاركة فيه خصوصاً أن كل التقارير والتفاهمات بين الاطراف المُشاركة لا تغيب عنها فكرة تطوير المسألة الدفاعية والامنية .كما تُشكل مسألة التطبيع سبباً شائكاً ومهماً خصوصاً الرفض الشعبي للتطبيع في الاردن . ولقد ساهم في تعزيزهذا الرفض عملية طوفان الاقصى التي ساهمت في تنشيط الشارع العربي والعالمي حول نبذ إسرائيل وعدم الاعتراف بها .مما يقف مانعاً أمام عملية التطبيع المتمثلة ب”اتفاقيات أبراهام” التي من المُفترض أن توفر الامن والسلام للممر .
غياب الخطة الزمنية ورصيد مالي غير واضح .
بحسب الدراسة التي قدمها مركز الاتحاد للأبحاث والتطوير يبقى طرح مبادرة الممر الهندي – الشرق أوسطي – الأوروبي مبادرة يتبناها الأمريكي سياسيًا لإرضاء حلفاءه في العالم الذين يتوجب عليهم تمويل مثل هذا المشروع الذي لم تحدد خطته الزمنية أو الرصيد المالي بشكل واضح للإنطلاق بتنفيذه سوى أن يتكفل الأوربيين بدفع 600 مليار دولار والسعودية بـ 100 مليار والإمارات العربية المتحدة بـ 75 مليار دولار. ومع ذلك فإن تكلفة بناء هذا الممر ستشكل عبئاً على إقتصاديات الدول الممولة، وبما أن هذا الممر قد يكون بمثابة تنويع للموارد إلاّ أن الأوروبيين يرون أن هذا الإستثمار قد يصب في تعزيز إقتصاد غير أوروبي ومنافس لهم . وبذلك يُضاف إلى الهواجس الامريكية والهندية الهاجس الاوروبي .
يظهر من خلال هذه التحديات وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تبنت مبادرة هذا الممر فإن هناك تناقضات واضحة حيث تذكر الدراسة أن الوعود بدعم قطاع الصناعة والتكنولوجيا وإستثمارات أمريكية في الهند جاءت بنتيجة عكسية حيث أغلقت العديد من الشركات مصانعها هناك ونقلتها الى دول ثانية، وفي نفس الوقت تواصل الهند تفضيل العلاقات الإقتصادية مع الصين، وتعزز علاقاتها بشكل أكبر .
لتخلص الدراسة إلى القول أن السعي الأمريكي الأول والأخير من مثل هذه المبادرات هو إغراق العملاقين الإقتصاديين في صراعات جيوسياسية تعرقل صعودهما بما يخدم المصالح الأمريكية.
المصدر: موقع المنار،مركزيوفيد
0 تعليق