تترك كأس الخليج وراءها دومًا ذكريات التحدي والفوز والخسارة، وولادة أسماء كروية تلامس أعلى درجات النجومية والعطاء.. وتترك أيضًا أحاديث وتصاريح لمسؤولين ومدربين ولاعبين تتداول منذ أعوام حين أثارت الجدل وحركت مياهًا لم تعرف الركود حتى الآن، فتستعيد أجواءها بديلًا على ما تخلفه البطولة الإقليمية من إثارة لا تنتهي.. المهاجم العراقي السابق يونس محمود دخل القائمة بكلام فسره السعوديون، كتلاميح ساخرة من منتخب بلادهم بإجابته الضاحكة على ترشح الأخضر للقب المنافسة الدائرة رحاها في الكويت هذه الأيام.. أخذ موقف يونس محمود أبعادًا ممتدة، وكان مادة كاملة الدسم في البرامج، وذهب أبعد من ذلك بسؤال اللاعبين السعوديين عنه عقب مباراتهم أمام اليمن.. وما يصاحب يونس محمود وقوله وفعله سبق أن كان حاضرًا مرات عدة وشهيرة ولا تبرح العناوين العريضة.. أشهرها ما قاله الراحل الشيخ فهد الأحمد عقب فوز منتخب بلاده على السعودية بهدف وحيد سجله مؤيد الحديد في بطولة الخليج السادسة عام 1982 بضيافة العاصمة الإماراتية أبو ظبي.. وعقب اللقاء قال فهد الأحمد: "المنتخب السعودي لن يفوز علينا إلا إذا أصبحت الكورة مربعة".. أثار هذا التصريح الحنق لدى السعوديين.. أغضب معناه وطريقته القيادة الرياضية السعودية والجماهير السعودية على حد سواء.. وجاءت فرحة الانتصار السعودي برباعية في تصفيات الأولمبياد عام 1984 أمام الكويت مضاعفة.. وخرجت الجماهير السعودية تحتفل وتجوب الشوارع بالأعلام الخضراء كرد طبيعي على ذلك التصريح الذي يحضر الحديث عن تفاصيله كلما أثير كلام عن مواجهات السعودية والكويت في الخليجية.. الشيخ عيسى بن راشد الذي افتقدته الكرة البحرينية في الـ 12 من مارس عام 2020 قال في أكثر الأحاديث الإعلامية تصالحًا مع الذات حينما سئل عن طموحاتهم في هذه المنافسة وعدم تحقيقها فقال: "إحنا نشارك عشان نخرب".. كان الراحل يرمي إلى أنهم ربما لا يستطيعون المنافسة القوية والدائمة على اللقب لكنهم أصحاب مواقف من شأنها تحديد البطل أو حتى حرمان منتخبات كانت في طريقها للتتويج فتتعثر بنتيجة الأحمر.. قبل وفاته بعام واحد وبالتحديد في خليجي 24 في عام 2019 نجح المنتخب البحريني بانتزاع الكأس المستعصية وكسبوا اللقب الذي استضاف منافساته الدوحة القطرية وقدم لاعبو البحرين الكأس الغائبة لواحد من أعتى رجال البطولة الذي حضرها منذ انطلاقتها عام 1970.
في خليجي 19 الذي استضافته العاصمة العمانية مسقط عاتب الأمير سلطان بن فهد الذي كان يقف على هرم المسؤولية الرياضية حينها اللاعبين بطريقة قاسية بعد التعادل مع قطر بنتيجة سلبية، فداخل غرفة الملابس وفي تصريح مصور قال للاعبين وبالحرف الواحد: "كأنكم أول مرة تلعبون مع بعض.. يجب على كل واحد منكم يفكر مية مرة بالمباراة الجاية.. اليوم الباصات خطأ والوسط نايم.. والهجوم غير فعّال.. هل أنتم تعون ماذا تعملون؟".. بعد هذا الهجوم الذي وصف بالعنيف، استعاد الأخضر السعودي قوامه، وتماسك بقوة حتى وصل للنهائي وخسره أمام المستضيف بضربات الحظ الترجيحية.. هي فسحة الكلام الذي يثبت أن كرة القدم لعبة تفاعلية مع الحياة والناس وكل المتغيرات!.