نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. فرصة أخرى ضائعة, اليوم الأربعاء 13 نوفمبر 2024 10:20 مساءً
نشر في الشروق يوم 13 - 11 - 2024
احتضنت المملكة العربية السعودية مؤخرًا قمة عربية إسلامية استثنائية لمناقشة الاعتداءات الصهيونية المستمرة على الشعبين الفلسطيني واللبناني، وسط أجواء من الترقب وتطلعات شعوب المنطقة لحلول فعلية. ورغم حضور قادة ومسؤولين من مختلف الدول العربية والإسلامية، لم تخرج القمة عن إطار الخطب المعتادة، التي تظلّ كلمات تكرّرت مرارًا وتفتقر إلى أي خطوات عملية تؤدّي إلى وقف المعاناة اليومية لأهلنا في فلسطين ولبنان.
بين كلمات الشجب والاستنكار، تابعنا بمرارة، الخطابات التي اكتفت، كالعادة، بإدانة العنف دون التطرق إلى آليات فعالة لوقفه. فقد مرت سنوات طويلة، شهدت تكرار الاجتماعات والقمم. حيث تتوالى القرارات التي تؤكد الدعم المعنوي للشعب الفلسطيني، لكنها تفتقر، للأسف، إلى الأفعال الحقيقية التي تحميه. في حين أن الجرائم الصهيونية تتصاعد يوما بعد يوم. وتُقتل الأرواح وتُدمّر الأرض. ويستمر العرب في تبني سياسة الحذر وعدم اتخاذ مواقف حازمة. وهو ما يترك الفلسطينيين وحيدين في مواجهة آلة الإجرام الصهيونية.
لا يمكننا إغفال أن عقد القمة يُعدّ بادرة إيجابية، إلا أنها جاءت متأخّرة بعد استنزاف الوقت والفرص. إذ كيف يمكن تفسير هذا التأخر المستمر؟ فسقوط آلاف الضحايا وتدمير المنازل، بل وتهجير الآلاف من أهالي غزة وجنوب لبنان، يشير إلى أن الاجتماعات الطارئة غالبا ما تأتي بعد فوات الأوان. وتكرّر نفس الخطابات التي ملّها الرأي العام العربي دون أن تحقق الغاية الحقيقية من انعقادها رغم كل الأوراق التي يمتلكها العرب والقادرة على قلب الموازين.
ووسط هذا المشهد السريالي، تظل التساؤلات قائمة: لماذا تقتصر القمم على الخطابات دون أن تتخذ خطوات فاعلة ؟ هل تعني تلك الخطابات شيئًا لمن هدّمت بيوتهم وفقدوا أحبابهم ؟ وفي الوقت الذي تتفاقم فيه الأزمات، نرى مواقف الدول الكبرى تتأرجح، في حين تعرب الدول العربية عن مواقف متحفظة تترك الساحة لمزيد من التمادي الإسرائيلي في انتهاكاته وصلفه وإجرامه.
ربما يجدر بنا أن نعتبر هذه القمة قد كانت بمثابة الفرصة الأخيرة التي وضعتها الظروف أمام القادة لاتخاذ موقف حازم. فاليوم، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج الشعب الفلسطيني إلى قرارات فاعلة تتجاوز الشجب والإدانة، قرارات تفرض واقعا جديدا يضع حدا لآلة الحرب الصهيونية. ومن بين القرارات التي كان يجب أن تكون على الطاولة، وقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل، وسحب السفراء، والضغط على داعمي الكيان الصهيوني مثل الولايات المتحدة الأمريكية بعدّة أوراق اقتصادية وطاقية وجيوستراتيجية يملكها العرب لدفعهم إلى تغيير سياستهم الخارجية الداعمة للاحتلال.
وفي مقابل خيبة الأمل من الخطابات المتكررة في هذه القمم الرسمية، تبقى شعوب العالم العربي والإسلامي متمسكة بالأمل في استعادة الحقوق العربية. حيث لم تعد خطابات التنديد وحدها تواسي قلوبهم. فقد بات واضحا أن ما يريده الشعب هو استجابة حقيقية تتناسب مع تضحياته. إذ أنهم يدركون أن قرارا حازما بطرد السفراء ووقف التطبيع لن يكون خطوة رمزية فحسب. بل سيعيد الكيان الصهيوني إلى حجمه الطبيعي ككيان غير شرعي.
هاشم بوعزيز
.
0 تعليق