هرم مصر

فئة من البشر لا تحتاج إلى النوم لوقت طويل

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فئة من البشر لا تحتاج إلى النوم لوقت طويل, اليوم الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 08:35 مساءً

لابد وأن تكون قد سمعت أن الانسان يحتاج إلى النوم ما بين سبع إلى تسع ساعات ليلا من أجل استعادة نشاطه والحفاظ على صحته، ويسود اعتقاد، كما لو كان قانونا لا يقبل النفي، أن النوم لفترة أقل تترتب عليه مشكلات صحية على المدى القصير والطويل وأعراض مثل ضعف الذاكرة والاكتئاب والخرف وأمراض القلب وضعف جهاز المناعة.

ولكن في السنوات الأخيرة، توصل العلماء إلى وجود "فصيلة" من البشر لا تحتاج للنوم لفترات طويلة، ولا تتأثر صحتها بقلة ساعات النوم.

ويقول العلماء إن هذه الفئة من البشر مجهزون جينيا للنوم أربع إلى ست ساعات فقط ليلا دون أن يؤثر ذلك على صحتهم أو يترك لديهم شعورا بالارهاق في اليوم التالي، وتتوقف المسألة لدى هذه المجموعة على جودة النوم وليس طول ساعاته. ويأمل الباحثون إلى معرفة الأسباب التي تجعل هؤلاء الأشخاص أقل احتياجا للنوم مقارنة بغيرهم، حتى يكون باستطاعتهم فهم طبيعة النوم لدى الانسان بشكل أفضل.

ويقول الباحث لويس بتسيك اخصائي طب الاعصاب بجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو: "حقيقة الأمر أننا لا نفهم ماهية النوم ناهيك عن أسباب الاحتياج إليه، وهي مسألة مثيرة للدهشة لا سيما وأن البشر ينامون في المعتاد ثلث أعمارهم". وكان العلماء في الماضي يعتقدون أن النوم هو أكثر من مجرد فترة للراحة وكانوا يصفونه بأنه مرحلة لخفض طاقة الجسم استعدادا لاستعادة النشاط مجددا في اليوم التالي.

وكان العالم توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي يصف النوم بأنه "إهدار للوقت" بل و"إرث من زمن رجل الكهف"، وكان يزعم أنه لا ينام أكثر من أربع ساعات ليلا. ولكن العلماء في العصر الحديث وصفوا النوم بأنه عملية "نشطة ومركبة" يتم خلالها تعبئة مخازن الطاقة في الجسم والتخلص من السموم وتجديد الروابط العصبية وتثبيت الذكريات، وأن الحرمان من النوم تترتب عليه مشاكل صحية جسيمة.

وترتبط معرفة البشر بالنوم بشكل أساسي بنموذج علمي طرحه الباحث المجري السويدي ألكسندر بوربيلي في سبعينيات القرن الماضي، حيث قال إن النوم يقترن بعمليتين منفصلتين وهما الإيقاع اليوماوي، ويقصد به الساعة البيولوجية للجسم، والتوازن بين النوم والاستيقاظ، وهي التفاعلات الجسمانية التي تتحكم في توقيت وطول ساعات النوم، حيث يرتبط النظام الأول بتغيرات الضوء في البيئة وأوقات الليل والنهار،  ويرتبط النظام الثاني بضغوط جسمانية داخلية تتزايد أثناء الاستيقاظ  وتنخفض أثناء النوم.

ويؤكد الباحث لويس بتسيك في تصريحات للموقع الإلكتروني ل"مجلة المعرفة" الأمريكية  المتخصص في الأبحاث الطبية: "لقد كنا نعرف دائما أن البشر ينقسمون ما بين عصافير صباحية وبوم ليلي، وأن الغالبية العظمى تقع في منطقة متوسط ما بين الشريحتين"، مضيفا أن الفئة التي لا تحتاج للنوم لفترات طويلة كانت دائما موجودة، ولكنهم غير ملحوظين لأنهم عادة لا  يذهبون للطبيب".

وبحسب موقع "مجلة المعرفة"، تسلطت الأضواء على شريحة البشر الذين لا يحتاجون للنوم لفترات طويلة، عندما توجهت امرأة مسنة للطبيب بتسيك وزميله ينغ هيو فو، اخصائي علوم الوراثة وهي تشكو من إصابتها بما وصفته بـ"لعنة" قلة النوم، حيث كانت تستيقظ في ساعات مبكرة للغاية وتعاني على حد وصفها من "برودة الجو والظلام والوحدة" وأوضحت أن حفيدتها ورثت عنها نفس عادات النوم لساعات محدودة.

ويقول الباحث ينغ هيو فو إنه تم اكتشاف طفرة جينية معينة لدى هذه المرأة، وبمجرد نشر نتائج البحث، بدأ الآلاف من هذه الشريحة التي تستيقظ مبكرا للغاية يكشفون عن أنفسهم. وربط الباحثان بتسيك وينغ هيو فو هذه الظاهرة باسم طفرة في أحد الجينات يعرف باسم DEC 2.

وعن طريق تقنيات الهندسة الوراثية، قام الباحثان بإحداث تعديلات في نفس الجين لدى الفئران، وترتب على ذلك أن تلك الفئران اصبحت هي الأخرى أقل احتياجا للنوم مقارنة بأقرانها. وتبين للباحثين أن إحدى وظائف هذا الجين هي التحكم في مستويات أحد الهرمونات التي تفرز في المخ ويعرف باسم „أوريكسين"، ويتمثل دور هذا الجين في تنشيط اليقظة، في حين أن نقصه يؤدي إلى حالة مرضية تعرف باسم Narcolepsy أي "التغفيق" وهي اضطراب في النوم يؤدي إلى الشعور بالنعاس الشديد أثناء ساعات النهار. وكشفت التحليلات أن الأشخاص الذين لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة تتزايد لديهم معدلات إفراز هرمون "أوريكسين".

ومع استمرار التجارب، اكتشف الفريق البحثي سبع جينات مختلفة ترتبط بقلة ساعات النوم، وركز الباحثون على جين معين يطلق عليه اسم ADRB 1 وهو ينشط في جذع المخ وتتمثل وظيفته في ضبط عملية النوم، وعندما استطاع الباحثون عبر تقنية خاصة تنشيط هذه المنطقة من المخ التي تسمى Dorsal Pons، اتضح أن الفئران التي لديها طفرة في هذا الجين كانت تستيقظ بشكل أسهل وتظل مستيقظة لفترات أطول.

ووجد الباحثون أيضا أن حدوث طفرة في الجين المعروف باسم NPSR 1 يؤدي إلى قلة ساعات النوم دون أي مشكلات في الذاكرة بعكس ما قد يحدث مع غالبية البشر في حالة انخفاض عدد ساعات النوم التي يحصلون عليها.

ويؤكد الباحثون أن هذه الشريحة من البشر، كما اثبتت الاختبارات على فئران التجارب، محصنون فيما يبدو ضد الأمراض التي تحدث بسبب قلة النوم، كما أن حالتهم الصحية تكون في العادة جيدة بشكل استثنائي، وعادة ما يتميزون بالطموح والتفاؤل والطاقة، ويكتسبون مرونة نفسية لمقاومة التوتر  وقدرة عالية لتحمل الالم، بل وربما تكون أعمارهم أطول مقارنة بغيرهم.

أخبار متعلقة :