نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. وحدة الساحات لم تسقط, اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024 11:07 مساءً
نشر في الشروق يوم 25 - 12 - 2024
شهدت الفترة الأخيرة استمرارا ملحوظا للدور اليمني في إسناد المقاومة الفلسطينية، إذ أثبتت جماعة أنصار الله الحوثيون قدرتها على تحويل اليمن إلى جبهة إقليمية فاعلة في مواجهة الاحتلال الصهيوني، و في ظل انحسار أدوار إسناد أخرى، مثل الجبهة اللبنانية أو السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، أظهر اليمنيون تصميمًا على تكريس مفهوم "وحدة الساحات" رغم التحديات الإقليمية والدولية.
ما يميز الجبهة اليمنية أنها استطاعت الاستمرار رغم الضغوط العسكرية والسياسية التي واجهتها، وهو ما يعكس تحول اليمن إلى لاعب رئيسي في مشهد المقاومة، فالعمليات التي استهدفت السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، والقصف الذي طال مواقع في العمق الإسرائيلي، أكدت أن اليمن ليس مجرد ساحة هامشية، بل محور فاعل في المعادلة الإقليمية.
وفي ظل اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وتراجع دور حزب الله بفعل الضغوط العسكرية والسياسية، برز اليمن كجبهة وحيدة تستمر في تقديم الدعم العسكري والمعنوي لغزة، و قد عزّز هذا التحول بلا شك من مكانة الحوثيين كقوة إقليمية، واكتسبت قياداتهم زخما شعبيا عربيا، بعدما كان الحديث عنهم يقتصر على الداخل اليمني.
بعض التحليلات تذهب إلى اعتبار سقوط نظام بشار الأسد ضربة كبرى لمحور المقاومة، إذ أخرج سوريا من معادلة "الهلال الشيعي" وأضعف التنسيق بين الأطراف المختلفة،كذلك أثبتت الحرب الصهيونية الأخيرة على لبنان محدودية قدرة حزب الله على المناورة في ظل الضغوط الداخلية والخارجية إثر اتفاق وقف إطلاق النار بين للكيان المحتل و لبنان.
لكن الجماعة اليمنية، تمكنت من الاستفادة من هذه التغيرات لتعزيز دورها، إذ أن استمراريتها في العمليات ضد الكيان الصهيوني من البحر الأحمر، وتصعيدها الخطابي والعسكري، جاءت لتأكيد التزامها بمفهوم "وحدة الساحات" حتى مع تراجع أدوار أخرى.
و الحديث عن وحدة الساحات في مفهومها الشامل يتجاوز كونها مجرد شعار، بل هي إستراتيجية تتطلب تنسيقا دقيقا بين مختلف الأطراف الفاعلة، فالتراجع الذي شهدته بعض الجبهات في لبنان وسوريا والعراق يعكس صعوبة تحقيق هذا المفهوم على أرض الواقع، ومع ذلك فإن التجربة اليمنية تؤكد إمكانية استمراره إذا توفرت الإرادة السياسية والميدانية.
و لا شكّ أن دعم الحوثيين للمقاومة الفلسطينية يأتي من منطلق مبدئي ومصلحي على حد سواء، فمن ناحية، تكرس الجماعة نفسها كجزء من محور المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، ومن ناحية أخرى، يعزز هذا الدور مكانتها في الساحة الإقليمية.
و ما يميز الدور اليمني أنه أثبت قدرة المقاومة على التكيف مع المتغيرات الإقليمية، حيث أن استمرارية هذا الدور تتطلب تعزيز التنسيق مع الأطراف الفاعلة الأخرى، سواء عبر دعم لوجستي أو سياسي، كما أن إعادة إحياء فكرة وحدة الساحات تتطلب جهودًا مكثفة لإعادة ترتيب الأولويات على مستوى محور المقاومة، فبقاء الجبهة اليمنية نشطة يُعد رسالة واضحة بأن المقاومة ليست مرهونة بجغرافيا محددة أو بوجود أنظمة داعمة، بل هي حالة نضالية قادرة على الصمود والتطور.
وفي ظل التراجع الذي تشهده بعض الجبهات الإقليمية، يظل الدور اليمني في إسناد غزة والدفاع عن الشعب الفلسطيني نموذجًا يُحتذى به في تجذير مفهوم وحدة الساحات، فاستمرارية هذا الدور تعتمد على قدرة الحوثيين على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية وتعزيز التنسيق مع المقاومة الفلسطينية، ومع كل تحدٍ جديد، تؤكد الجبهة اليمنية أن النضال ضد الاحتلال الصهيوني ليس حكرًا على جبهة بعينها، بل هو مسؤولية عربية وإسلامية مشتركة.
هاشم بوعزيز
.
أخبار متعلقة :