نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف تقلل الملصقات الرقمية من هدر الطعام؟ , اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024 08:01 مساءً
يمثل هدر الطعام في عصرنا الحالي تحديًا عالميًا ملحًا تتشابك فيه الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، إذ تُهدر كميات ضخمة من الطعام الصالح للاستهلاك في مراحل مختلفة من سلسلة التوريد، بدءًا من الإنتاج ووصولًا إلى المستهلك.
وقد كشف تقرير حديث صادر عن منظمة (ReFed) غير الربحية المتخصصة في معالجة مشكلة هدر الطعام، أن محلات البقالة في الولايات المتحدة وحدها أهدرت ما يُقدّر بنحو 5 ملايين طن من الطعام في عام 2022، وتتفاقم المشكلة عند النظر إلى مصير هذا الطعام المهدر، فقد انتهى المطاف بنسبة تصل إلى 35% منه في مكبات النفايات، مما يساهم في تفاقم التلوث البيئي وانبعاث الغازات الدفيئة.
ومع ذلك كان الجانب الأكثر إثارة للقلق في هذه الإحصائيات هو السبب الرئيسي وراء التخلص من أكثر من نصف كمية الطعام المهدر – وهو ما يبلغ نحو 2.7 مليون طن – فقد جرى التخلص من هذه الكمية الكبيرة لمجرد تجاوزها تاريخ انتهاء الصلاحية المطبوع عليها. ويثير ذلك تساؤلات جدية حول مدى فهم المستهلكين والعاملين في المتاجر لمعنى هذه التواريخ، وهل هي فعلا مؤشر دقيق على فساد الطعام، أم أنها مجرد تقديرات تقريبية لا تستند دائمًا إلى أسس علمية دقيقة؟
الملصقات الرقمية سلاح فعّال:
في مواجهة هذه المشكلة المتفاقمة، يظهر الابتكار التكنولوجي كحل واعد، إذ يقترح بحث جديد أجراه مجموعة من الباحثين في كلية ماكومبس لإدارة أعمال في جامعة تكساس (Texas McCombs) حلاً ثوريًا يتمثل في استبدال ملصقات الرفوف الورقية التقليدية بملصقات رقمية.
ويتيح هذا التحول لمتاجر البقالة إمكانية خفض أسعار المنتجات التي تقترب من تاريخ انتهاء صلاحيتها بسهولة وسرعة، وتشجع هذه الآلية المستهلكين على شراء هذه المنتجات بأسعار مخفضة، مما يساهم في تقليل كمية الطعام المهدر.
وقد قال يوانيس ستاماتوبولوس، الأستاذ المشارك في إدارة المعلومات والمخاطر والعمليات في كلية ماكومبس لإدارة أعمال في جامعة تكساس: “يستفيد الجميع من التسعير الديناميكي، إذ يساعد في تقليل هدر الطعام وخفض الانبعاثات الناتجة عن تحلل الأطعمة في مكبات النفايات، كما يستفيد أصحاب المتاجر من هذه التكنولوجيا من خلال توفير الوقت والمال المستغرق في طباعة وتغيير الملصقات الورقية يدويًا، إذ يمكن تغيير الملصقات الرقمية (المعروفة أيضًا باسم ملصقات الرفوف الإلكترونية) ببضع نقرات على لوحة المفاتيح”.
التسعير الديناميكي وإدارة المخزون:
لتحليل تأثير التسعير الديناميكي، تعاون ستاماتوبولوس مع باحثين آخرين من جامعتي واشنطن وكاليفورنيا لتحليل بيانات سلسلتي متاجر بقالة أوروبيتين قامتا بتبني تقنية الملصقات الرقمية.
وقد كانت دراسة الحالة الأولى لسلسلة متاجر في المملكة المتحدة طبقت نظام الملصقات الرقمية على مجموعة واسعة من السلع القابلة للتلف، بلغ عددها 940 سلعة مختلفة، وصُممت هذه الملصقات لعرض خصومات متزايدة بنحو تلقائي مع اقتراب تاريخ انتهاء صلاحية المنتج، وقد أدى هذا التطبيق إلى زيادة ملحوظة في وتيرة تغيير الأسعار بلغت 54%، مما يظهر فعالية هذه التكنولوجيا في إدارة المخزون بشكل استباقي.
وكانت الدراسة الثانية في سلسلة أخرى في الاتحاد الأوروبي، ولكنها لم تكتفي بتبني الملصقات الإلكترونية فقط، بل اتخذت خطوة إضافية مبتكرة من خلال تقديم تقنية الباركود الموسع، الذي يتضمن تفاصيل مهمة مثل: تاريخ التعبئة وأرقام الدفعات وتاريخ انتهاء الصلاحية. مع اقتراب المنتجات من تاريخ البيع، يجري تخفيض أسعارها لجذب المستهلكين، مما أدى إلى زيادة كبيرة بنسبة بلغت 853% في وتيرة تغيير الأسعار، ويظهر هذا الرقم مدى فعالية هذه التقنيات في تحفيز حركة البيع وتقليل الهدر.
ويفيد هذا النظام المستهلكين المهتمين بالأسعار، إذ يمكنهم شراء المنتجات التي تقترب من تاريخ انتهاء صلاحيتها بأسعار مخفضة. كما يحسن من ربحية المتاجر من خلال تشجيع بيع المنتجات قبل تلفها والاستفادة من وفورات الطلب.
ما التحديات التي تواجه تطبيق الملصقات الرقمية على نطاق واسع؟
تقدم تقنية الملصقات الرقمية وسياسة التسعير الديناميكي الكثير من الفؤائد، إذ تساعد في إحداث تغيير جذري في التعامل مع مشكلة هدر الطعام، كما تمهد الطريق نحو مستقبل أكثر استدامة، ومع ذلك يواجه تطبيقها على نطاق واسع بعض التحديات، منها: مخاوف المستهلكين من ارتفاع الأسعار، والتكلفة الأولية لتطبيق هذه التكنولوجيا، إذ يتطلب التحول إلى الملصقات الرقمية استثمارًا كبيرًا في الأجهزة والتحديثات.
ومع ذلك، بدأت بعض المتاجر الكبرى في الولايات المتحدة، مثل: وول مارت، وأمازون فريش، بتبني هذه التقنية، فعلى سبيل المثال: تخطط شركة (وول مارت) للانتقال إلى استخدام ملصقات الأسعار الرقمية في 2300 متجر تابع لها بحلول عام 2026.
ويقترح ستاماتوبولوس تقديم إعانات حكومية لتشجيع تبني هذه التقنية، على غرار الإعانات المقدمة لتشجيع استخدام الطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية، ويرى أن هذه الإعانات ستساعد في كسر الحاجز المالي الأولي وتشجع المزيد من المتاجر على تبني هذه التقنية، مما يساهم في تسريع التحول نحو عصر جديد من إدارة المخزون باستخدام المعلومات الرقمية.
الخلاصة:
يمثل التحول إلى الملصقات الرقمية خطوة مهمة نحو مكافحة هدر الطعام وتحقيق الاستدامة في صناعة الأغذية، إذ تساعد هذه التكنولوجيا في إدارة المخزون بكفاءة عالية وتقلل كمية الطعام المهدر، مما يفيد المستهلكين والاقتصاد والبيئة على حد سواء.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق